الثلاثاء، 27 يونيو 2017

سؤال خواتيم البقرة

السؤال : آخر أيه في سوره البقره ربنا قال " لا يكلف الله نفساً إلا وسعها " وهي سبقت دعاء المؤمنين " ربنا لا تحملنا مالاطاقة لنا به " اذا كان معلوم عدم تكليف الله النفس مالا طاقة لها به هل يكون الدعاء هكذا جائزا؟

الجواب :

وأجمل ما في القرآن أنه لا يحمل الترادف .. وأن لكل كلمة حمل معنوي مخصوص لا تقوم به كلمة أخرى
لا يكلف الله نفسا إلا وسعها
والتكليف يأتي في سياق الحكم الشرعي
فالمعنى أن الله لا يطلب من انسان القيام بأمر شرعي إلا إن كان في وسعه
على طبقتين
 الأولى ان يكون في وسعه كجنس الإنسان فلا يكلفنا سبحانه في العموم في الدين إلا بما هو ممكن التطبيق ومتسق مع تكويننا الإنساني ولا يتعارض مع واقعنا البشري ولا يصطدم مع وجودنا الكوني
والطبقة الثانية .. علي مستوى الأفراد بخصوصية ونسبية أوضاعهم
فمن لايلائم أحدهم لا يلائم الآخر .. ولذا كانت الرخص واحكام الضرورات في إباحة المحذورات
والوسع .. هو التكوين النفسي والبدني الأصلي .. بمعني التركيبة والملابسات التي ينزل عليها التكليف ..
تلك اللفظة الأولى .. التكليف وهو الحكم الشرعي
والوسع .. وهو الملابسات والحيثيات ..
نأتي للفظة الثانية .. وهي دعاء المؤمنين اللاحق .. ربنا لا تحملنا ما لا طاقة لنا به
كنت لاتفق معك ان كانوا قد قالوا ربنا لا تكلفنا
انما قيلت لا تحملنا ..
والتحميل قد يأتي في سياق أمر القضاء والقدر ..
ويأتي كذلك في سياق ردة الفعل البشرية تجاهه ..
بمعني السلوك الانساني ..
وكأنه استغاثة للرب ألا يصيبنا البلاء أو عثرات السلوك ما لا نتحمله .. فنزل ونسقط .. أو نكفر ونجحد.. أو نتخبط ونهوي !
لذا تجده دوما مبنيا للمجهول في القرآن ومتعلقا بالسلوك لبشري كإستجابة ..
(وان تولوا فعليه ما حمل وعليكم ما حملتم )
(وان تدعو مثقلة إلي حملها لا يحمل منه شيء)
فالحمل هنا هو الطبقة الثانية بعد التكليف ..
والطاقة .. هي المدى الممكن من الصمود والمدي الممكن من تفعيل الامكانات الاصلية (الوسع)
الوسع هو الأصل الثابت ..
الطاقة هي الصيرورة ..
يعني ببساطة الوسع هو امكانات الميكنة الأصلية .. والطاقة هي الوقود اللي بيمشيها ..
فالطاقة هي الطبقة الثانية من (الوسع) !
الوسع لا ارادي .. ولا دخل لنا فيه .. لذا جعله الله حقيقة مقررة في الآية انه لن يكلف إلا بقدر الوسع ..
انما الطاقة هي استجابتنا البشرية للمواقف والبلاءات والاختبارات.. لذا جاءت في سياق الدعاء ..
وكأنه يقول امنحنا من الطاقة لنتحمل .. كما جعلت التكليف متسقا مع الوسع !
وبالتالي .. الجملتين متكاملتين ..
الأولى تقرير رباني لما لا يد لنا فيه لئلا يتخذها البعض حجة فيما نحن مأمورون فيه ..
والثانية .. دعاء للاعانة علي مانحن مأمورون به .. وطلبا للدعم أمام النوازل والاستجابات البشرية للأمور القدرية ..

ليست هناك تعليقات: