الخميس، 29 يوليو 2010

سورة الأنعام .. ربع إن الله فالق الحب .. من الآية 102 -106

"ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو علي كل شيء وكيل "
رغم كونه في الآية السابقة قد قال وخلق كل شيء .. فقد كرر الأمر بصيغة الفاعل هنا .. لأن في الآية السابقة كان سياق فعل الخلق لدحض فكرة خرق البنين له سبحانه ..
أما في هذه الىية فهي آية التجميع .. فبعد سوق الآيات .. يأتي التعريف النهائي .. والحكم المتبوع ..
ذلكم الله ربكم .. اثبات للربوبية بالآيات السابقة ..
لا إله إلا هو فاعبدوه .. اثبات للألوهية منطلقاً من ثبوت الربوبية .. فاثبات الخلق له سبحانه .. يستتبع ذلك التوجه له وحده بخالص العبادة والتوحيد ..
وهو علي كل شيء وكيل .. روعة الجمع بين الخلق والوكالة ..
وكأنه يضع البادج النهائي علي المنتج المصنوع .. made by allah .. guranteed by allah
الله الصانع .. والله الضامن
اثبات للربوبية ..  يستتبعه اثبات ألوهية .ز يستتبعه اثبات الوكالة وضمان العناية ..

"لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير "
اللطيف الخبير .. ملائمة رائعة للآية ..
فقد لطف سبحانه عن الأابصار فلم تدركه ..
وكان خبير .. خبرها .. فأدركها ..
والإدراك إحاطة علم .. فكيف بالمحدود الفاني يحيط بالمطلق اللامتناهي ...

ولكن الآية اللاحقة تتمم المعني .. وتعطي للمحدود الفاني البشري لمحة حانية ..
"قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظ"
يجريها المولي وكأنها علي لسان النبي تساق في القرآن ..
أيها المحدود الفاني .. إن عجز عقلك وبصرك عن الإحاطة بالمولي عز وجل .. فلم تزل لك القدرة وله المنة في الإدراك بصائره ..
فإن لم يدركه بصرك .. فلك إدراك بصائره ..
فهلا أبصرت البصائر .. تصبيراً لك عن لطفه عن بصرك ..
هلا رأيته في كل سكنة وحركة .. وكل ظاهرة آية ..
إن ابصرت فلنفسك .. متعة .. ولذة .. وخير .. وزكاة .. وطهر .. وصفاء .. وسلام ..
وإن عميت .. فعلي نفسك .. لعنة .. وظلام ... وضيق .. وضياع .. وخواء ..

"وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون " 
هكذا آيات الله .. من القوة .. والإعجاز أنها لا تقابل بسلبية قط . لا يمكن لسامعها أن يتلقاها ثم يمضي كأن شيئاً لم يكن ..
هي للذين يؤمنون .. إيماناً وهدي وموعظة .. وشفاء .
وللملعونين .. فتنة .. ومزيداً من الظلام ..هكذا الإعجاز التأثيري للقرآن ..
مزيداً من الصفاء .. أو مزيداً من الظلام ..
فآيات الله تداعب أوتاراً خفية في النفس .. فهو خالقها ,, ويعلم وحده تردداتها .. تجبرها علي الإذعان والسير نحو النور ..
فإن وافقت نفساً محايدة .. حائرة تبحث عن الطريق .ز أشارت لها إليه .. لذا هي هدي ..
فهي تهدي إلي الحق .. الذي هو آيات الله نفسها ..
فمن اعجاز القرآن أنه يهدي بنفسه إلي نفسه ..
فالأولي هداية إلي الطريق ..
وإن وافقت نفساً مهتدية مؤمنة .. أعطتها دفعة داخلية ,, وشحنتها بمزيد من الطاقة الأنطلاقية
فهي هداية علي الطريق ...

وإن صادفت نفساً تجردت من نفحة السماء .. والتصقت بالأرض ,, وتوحدت بالظلام ..
داعبت بقايا الضمير النوراني فيها ..
لتجبرها بصيحات الروح علي مزيد من مقاومة الخير داخلها .. علي مزيد من كبت النور ..
علي جدال .. وتكذيب .. وهروب .. وفرار .. من صيحات الخير .. ودفقات الطاقة البيضاء التي تسطع داخلها  ...
كميكروب يهرب من النظافة .. تعدو تلك النفوس بعيداً ..
وهنا مثال من عدوها بالجدال والتكذيب ..
وليقولوا درست ..
ودرست تلك علي قراءتين ..
قراءة مصحف عثمان الذي بين يدينا .. بعني تعلمت وقرأت ..
اي أنهم يتهمونه لما رأوا من الآيات انه قد تعلم علوماُ عجائبية .. أو قرأ واطلع وتثقف علي مافاتهم ..لذا قدر علي الأتيان بمثل هذا القرآن ..
وكأنهم يعترفون ضمناً بمصداقيوة الكتاب .. وهول أثره .. وعظم قضاياه .. وجل أطروحاته ..
ولكنهم يراوغون بإدعائهم علم صاحبه واستغلاله لجهلهم وبداوتهم واطلاعه علي ما أراد أن يغوي ابصارهم به ..
ولم تزل تلك الدعوات إلي الآن تتهم النبي الذي أكد ربه علي أميته .. بالتعلم وبنقل علوم حضارات قديمة .. والأخذ من الكتب والعقائد السابقة .. 
وحاشاه ..
وما كان عنده ميكرسكوباً ليطلع علي الظلمات الثلاث .. وعلقتها .. ومضغتها .. وغيض الأأرحام وزيادتها ..
وما كان يمكلك تليسكوباً ليري حبك السماء .. ومواقع النجوم ..
وما كان فلكياً عبقرياً ليري المدارات الدائرية لأفلاك السماء .. ليضعها في جملة معجزة تقرأ من اليمين ومن الشمال بنفس الطريقة
كل في فلك .. ك ل ف ي ف ل ك ...

يسبحون ..
ليوحي بدائرية تلك المدارات ...
ما يمكن لبشر أن يفعلها .؟.

ودرست أيضاً تقرأ في قراءة ابن مسعود ... بفتح جميع حروفه بمعني تقادمت وانمحت ..
وهي أيضاً شبهة الظلاميين .. 

تلك الأيات والأطروحات الإسلامية لا توافق التوجهات التقدمية .. وعصور الفضاء وتفتيت الذرة .. هي اطروحات قديمة .. 
يدعون أن الدين قد استنفد اغراضه .. 
وهاهو الدين بتجدده .. يطرح شبهاتهم المتجددة .. ويدحضها بتجدد .... 
ليثبت أنه باق .. من نفس الباب الذي تأتيه منه الشبهة ..
فتلك الشبهة باستنفاد اغراض الدين هي شبهة جديدة ..
ولكنه قد ذكرها ..
ليوحي أن الشبهة ذاتها تتناقض مع نفسها ...
فحين يخرج ذوي الياقات والكرافاتات ليقولون هذا الكلام .. يرونه ابداعاً وتقدمية .. 
نأتي نحن بالآية القديمة المتجددة .. منذ أكثر من ألف عام .. تتحدث عن شبهتهم الجديدة .. 
وليقولوا درست .. 

نعم إن أحد غايات آيات الله .. مزيداً من النور للسائرين علي النور .. ونوراًُ للحائرين .. وفتنة للظلاميين ..
نضحك حينما نسمعهم يقولونها ...
لأن الله قد أنزل الآيات ليقولونها .. وقال أنهم يقولونها ..
فحين يقولونها ..
نقول نحن .. صدق الله .. وصدقتموه بتكذيبكم ..

يتبع

ليست هناك تعليقات: