الجمعة، 25 يونيو 2010

الجزء السابع .. الربع الأول .. المائدة .. لتجدن .. آية 82 - 89

لتجدن أشد الناس عداوة .. ولتجدن أقربهم مودة 
إنه ترمومتر تدريجي ... نعم .. يقسم الله الناس في المعتقد إلي معسكرين .. النور والظلام .. الحق والباطل .. ولكن ذاك في علاقته بهم .. ومعتقداتهم .. ومآلهم الأخير الذي هو يفصل فيه ..
أما في علاقتهم ببعضهم .. في حكمهم علي بعضهم .. في ولائهم وبرائتهم .. إنما هو ترمومتر متدرج .. فالخلاف درجات .. والعداوة تتفاوت .. والمحبة تزيد وتنقص علي مقياس كبير ..
ليسوا سواء .. نعم .. هو حكم رباني عادل .. لا يجمع المخالفين في سلة واحدة .. ليشنقهم المؤمنين معاً ..
وإنما يعطي كل ذي حق حقه .. يتحدث عن قرب نفسي .. ووفاق من نوع ما .. 

فهو الذي قال من قبل .. ضارباً أجمل أمثلة التسامح .. ولا تقولوا لمن ألقي إليكم السلام لست مؤمنا ,,, كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم ..


النصاري أقرب مودة .. النصاري أقرب إلي التعايش مع الكيان المسلم .. النصاري أقرب للإيمان .. وأرض أخصب للدعوة .. 
ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً .. 
سبحانك مولاي .. هل وجود القس والراهب ... يجعلهم أقرب للمودة ..
كيف والمتبادر إلي الذهن أن رجال الدين .. ودعاة الدين المخالف يكونون أقسي علي بقية تابعي الأاديان المغايرة ..

لا فالقساوسة .. والرهبان .. وإن لم يكونوا في معتقد المؤمنين علي الحق الكامل .. فلا ينبغي أن ينسي أو يسقط من الحسبان خيرهم .. وانتصارهم علي أنفسهم .. وامتلاكهم لأزمة الشهوات ..
هذا لذوي الحق والخير منهم ..
فعما قليل في سورة التوبة .ز ستشن الحرب الربانية علي أحبار الباطل .. ورهبان الضلال .. المزيفين .. الذين يأكلون أموال الناس بالباطل .. ويلوون ألسنتهم بالكتاب .

هو التوازن الرباني .. لعلاج الفساد الديني .. وضرب المثل لرجال الدين بشكليهما .. الحسن والقبيح ..


والأكثر عداوة .. اليهود .. والذين أشركوا ..  هكذا الشرك ابداً .. والإلحاد .. يطبع النفس بقسوة .. وجفاف .. 
وهكذا اليهود بشهادة العالم أجمع .. الأاقسي علي الاطلاق .. والأشد قبحاً .. 
وهكذا يقرر الله ..


2- ثم يدلف إلي تفصيل التميز النصراني بالرقة الروحانية .. علي الجفاف اليهودي والإلحادي ..
فلأنهم لا يستكبرون .. غذا سمعوا ما أنزل إلي الرسول تفيض الأعين دمعاً من معرفة الحق
فالعين تفيض حزناً ..
والعين تفيض فرحاً ..
والعين حين تسمو الروح .. تفيض في سطوة الحق .. وتفيض في خلوة الذكر .. 


مما عرفوا من الحق ..
فالحق يناسبه المعرفة أكثر من العلم ..
فالعلم إحاطة عقلية .. ولا سبيل للعقل لإحاطة بالحق .. فالعقل متناهي .. والحق من تجليات الله لا متناهي ..

لذا فالمعرفة أقرب لتحسس نفحاته ..
فأنت تعرف طعم الفراولة .. ولاسبيل لك أبداً أن تصفه ولو في ألف كتاب .. فالعقل يفكر باللغة .. واللغة التي هي وسيلة العلم عاجزة قاصرة عن كل شيء ..
فأنت تعرف طعمها .. ولا تعلمه ..
وهكذا الحق ... وهكذا الوحي .. معرفة لا علم ..

فليذهب إلي الجحيم أولئك المتفيهقين .. الذين يحيلون الدين برونقه المعرفي الأخاذ إلي قوالب فلسفية جدالية جامدة ..


فلو تحول الوحي علماً .. وأضحي الحق عقلاً يدرس .. ويستنبط كالرياضيات فقد أتت علي الروح المصيبة ..


إن للروح حواسها الخاصة .. وألاتها المغايرة للألة الجسدية التي هي العقل ,,
والوحي يخاطب ألات الروح وحواسها .. فمحاولة اجبار العقل علي احتواء النص القرآني والوحي الرباني .. كمن يحاول أن يلبس عملاقاًَ   قميص رضيع .. فالوحي أوسع كثيراً من قوالب العقل الضيقة ..


ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين .. 
وهكذا الإيمان .. نوع أخر التجربة الانسانية .. صياغته في طريقة الدليل .. يسلبه أجمل ما فيه .. واقوي ما فيه .. 
الإيمان لا يحتاج الأدلة .. ولا يعبأ بالمناوئين والمستهزئين ..
الإيمان شهود داخلي بالروح .. تصديق بما قد يخالف ظاهر القاعدة العقلية القريبة ..


وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق .. ونطمع ..
هو ذاك الاستنكار .. وتعجب الفطرة السليمة .. من قديم غفلتها .. وحاضر غفلة المارين حولها .. 

مالكم .. وما لنا .. كيف لا نؤمن .. 
الإيمان ضرورة .. 
الإيمان صيرورة طبيعية .,, ونتيجة نهائية  لسبحة تفكرية واحدة في الأنا الداخلي وعالمه الفسيح .. أو الكون الخارجي وحبكه المعجزة ..
بل الإيمان انتفاع .. وحماية .. وغوث .. ووقاية ..
الأإيمان هارمونيا انسجامية مع الكون المسبح .. وانسيابية سلامية مع ذراته ..
فكل الطرق تدعو إلي الإيمان .. 
والكفر خواء .. وعبث .. واضطراب .. وخسارة .. وخبل .. وحماقة ..


لا باس بالطمع .. بل الطمع في ما عند الله مطلوب ...مندوب .. 
بل إن علاج الطمع والجشع الدنيوي .. كنوع من فساد الروح والقلب . إنما يكون بالطمع نفسه ..
فقط بتحويل طاقته الطمعية إلي الباقي .. فيزول الطمع في الفاني ..
ويصبح الطمع في الباقي .. زهداً في الفاني ..
وحينها يتحول الطمع بالطمع إلي قناعة ..

وهكذا الأدواء كلها .. الخوف يتحول بتسيير طاقته كلها إلي الله .. إلي أمان ..
فإن تسيير الطاقات الشعورية إلي الله .. أكثر صحية ..


فأثابهم الله بما قالوا .. جنات .. الأنهار .. خالدين ..


بما قالوا .. 
نعم فالأمر اسهل مما يهولون .. فقط تقول .. تسير علي ظاهر التشريه .. وعلي قدم الأإذعان .. لتتحول حياتك إلي نسمة قدسية .. ومسحة ربانية .. أخرها جنة ..
وما أعظم ذاك الوصف الملازم للجنة .. تجري من تحتها الأنهار ..

نعم أيتها الفطرة .. استحضري صورة العذوبة .ز والصفاء ..
والانسيابية . والجريان الهادئ ..
والطفو في آمان .. 
استحضري مشهد السلام .. أمام نهر جاري ... حينما يعدي الروح بصفاءه .. فتصفو ..
فما بالك لو كان يجري من تحتك .. وكيانات الجنة بقصورها فوقه طافية ...
استحضري ذاك الوصف الملازم .. لتعلمي حينها ماذا تعني كلمة جنة ..

الجنة منحة .. وكذا الخلو منحة أخري ...
فالخلود مسحة ربانية من صفاته .. فهو وحده الباقي ..
يرفع أولئك ذوي الصفاء .. ليمسح علي وجودهم مسحة من صفاته .. ويخلع عليهم ثوب الخلود ..


ولكن حذار فالخلود ذو وجهين .. فهو منحة المنح .. فوق الأنهار ..
ونقمة النقم .. في الجحيم ..


والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم ..
الكفر جحود .. لظاهر سطوع الأيات .. وباطن تنزل النعم ..
الكفر .. تطاول .. وتجاسر .. صبياني عابث .. علي من لا يحد جبروته وسلطانه حد ..



ويكفي الأيات حجة .. أنها نسبت إليه .. وتكللت بـ "ـنا " المنسوبة إلي مطلق الجمال .. والجلال .. والقدرة ..


وهكذا ترتسم نفحة من المحور الثاني .. تشرع في الظاهر توجه سياسي عام للكيان الإسلامي الذي لا يساوم علي العقيدة .. ولكنه حكيم في توجهاته الإجتماعية والسياسية .. فيفرق بين الملحد .. والقبيح .. والجميل مع بعض العاهة ..


ثم يدلف إلي الداخل في المقطع التالي .. إلي التشريع الإجتماعي .. ومائدة الكيان الإسلامي ذاته .. بل الكيان النفسي الفردي وعلاقته بالمجتمع الأكبر ..
لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم .. 
فبعدما حكم لأناس بالجنة علي قولة قالوها وموقف اتخذوها ..
يعود للموازنة .. فليس القول هو كل شيء .. إنما هو عامل هام . في صياغة المكنون النفسي .. 
ولكن لغوه .. لغو ..
وليس الله بالمتصيد .. الذي يتحين فرصة زج عباده في الجحيم ..
بل إن التشريعات الربانية .. ليست بالتشريعات التعسفية .. 

فالله الذي أمر بالوفاء .. وغلظ كلمة المسلم .. وجعل حق الوفاء حقاً قدسياً .. وصاغ الشرف الإسلامي .. والمروءة ..يعود ليحمل من علي عاتق الإنسان العنت .. فالانسان انسان .. ومراقبة الحرف واللسان تمام المراقبة حتي لا يخرج القسم في طيات الحديث ,, درباً من العنت ..
فيرفع الله المشقة .. ويرفع القلم عن لغو اليمين .. عن القسم في طيات الكلام .. لا والله .. ونعم والله  ..
ليحفظ أيضاً للمقسم به مكانته ووقاره في القلوب ..

فلو بقي العنت .. ودرجت الألسنة بالقسم لغواً وكان عليها الكفارة .. نعم لأدت كفارة شاقة .. ولكن لزالت معها قدسية ووقار القسم بالله .. ولاضحي اللغو كالتغليظ والوعي .. الكل هين ..


ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان .. فكفارته .
لا يزال الحفظ لقدسية ووقار التصور الاعتقادي في الله وكل ما يتعلق به .. ولو كان القسم ..
فالقسم لا يكون إلا به .. فهو الأاعظم لدي المسلم .. والقسم بغيره شرك به .. وفساد في التصور ..
والاستهانة بالقسم به .. تضييع لوقاره في القلوب .ز وبالتالي أقرب لتضييع الإيمان به .. فلو زال الوقار والهيبة والاجلال لزال الإيمان ..
ولكن دون عنت .. وتصيد .. 
تلك هي المتوازنة الربانية الرائعة ..

الكفارة .. ليست مجرد توبة كلامية .. تفسد الوقار .. ,إنما أعمال وافعال .. 
الكفارة في الإسلام عموماً مفهوم جبار .. علي محورين ..
الأول المحور الإجتماعي .. فكفارات الاسلام تصب في الميزان الاقتصادي للكيان الاسلامي .. اطعام .. وكسوة .. 
فالناس تخطئ .. وتتوب .. والفقراء يستفيدون من أخطاء القادرين ..
فليست هي ضرائب تعسفية .. إنما أعمال محبوبية .. تزال بها الأخطاء .. وينتفع بها المعدمين ..
لا كصكوك الغفران البالية .. التي ينهب بها الرهبان والأحبار أموال الناس .. ويقيمون أنفسهم حكاماً علي أهل الأرض ..
إنما هو صك رباني .. حسنة تمحو الخطيئة .. بأمر رباني وإمضار رباني ..
والمنتفعين .. نوعين من عباده فقراء ..
أحدهما إلي المغفرة فقير داخلي .. والأخر إلي مايسد جوعه .. ويدفئ جسده .. فقر خارجي ..


فلتذهب الاشتراكيات ودول الرفاه والتأمينات .. إلي الجحيم . فليس كالنظام الإسلامي مثيل قط ..


وكفارة اليمين .. واحدة من ثلاثة يخير بينهم .. اطعام أو كسوة .. أو تحرير رقبة
فإن لم يستطع أياً من الثلاثة "متعدية الأاثر الإجتماعي" .. يعمد إلي المرحلة التالية وهي لا تجوز إلا حين العجز عن الأولي وهي الصيام "غير متعدي الأثر الإجتماعي "



الإطعام كيف يكون .. عشرة مساكين.. ليس العدد فقط .ز ,إنما نوع الطعام نفسه لم يتركه الله للأهواء ..
من أوسط ما تطعمون أهليكم .. 
نعم .. تذهب لشرائه وكأنك تشتريه لولدك .. وكذا الكسوة ..
هو تكريم للفقير .. وسمو بالروح البشرية والاتصال الانساني .. والمساواة .. النفسية اولاً .. ثم ليكن ما يكون ..
إن دين كهذا أمر بصدقة "مما تحبون" ونهي عن المن بها .. وحكم في نوعها بذات نوع طعامك نفسه .. ونهي عن تخير الخبيث والبالي للانفاق .. لهو دين أحق أن يسود .ز وأن يحكم ..
وأجدر أن يعالج الضياع الحالي للحضارة البشرية .ز اقصد الانحدارة البشرية ..


ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم .. واحفظوا ايمانكم ..
نعم .. هو حفظ لليمين .. حفظ لكلمة الشرف والمروءة التي تخرج من أفواههنا .. حفظ .. يحفظ علينا الشعوربالذات .. والتكريم ..

ويرفع من صورة النفس .. فيحميها من عقد النقص واضطراباتها ..


وذاك المقطع اية .. في التشريع .. والتوازن .. 
لذا ينختم .. 
كذلك بيبن الله لكم أياته .. لعلكم تشكرون
الحمد لله الذي رفع العنت .. 
الحمد لله الذي شرع فلم يترك المجال للأهواء..
 





هناك تعليقان (2):

Unknown يقول...

للأسف تبقي أيتان سقطوا مني سهوا 78 88
سيعاد تنسيق المقال

timaa يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.